lundi 6 avril 2009

في حيّ الطيب المهيري بالعوينة: الكنيسة تتحوّل إلى ... قاعة ملاكمة، ومقرّ شعبة، ومزبلة...!!؟




كنسية حيّ الطيب المهيري بالعوينة تحوّلت إلى قاعة للملاكمة تابعة للنادي الرياضي بالحرس الوطني، ومقرّ لشعبة للتجمع الدستوري الديمقراطي. فيما تحولت حديقتها إلى مجمّع للنفايات البلدية. أمّا البناية الملحقة فمركز لشرطة النجدة، والصور تغني عن كلّ تعليق!!؟
هذه الكنيسة تسلّمتها الدولة التونسية من الفاتيكان بمقتضى اتفاقية 1964، وتعهّدت برعايتها واستغلالها لأنشطة ثقافية تتلاءم مع ما يستوجبه وضعها الروحي من احترام. فهكذا كان مصيرها!؟

ليس هكذا تتعامل تونس مع تراثها..
ليس هكذا تتعامل تونس مع جزء من ذاكرتها التاريخية..

ليس هكذا تتعامل تونس مع التزاماتها الدولية..
ليس هكذا تتعامل تونس التسامح، تونس الحوار بين الحضارات والأديان..
التونسيون مؤمنون في عمومهم. والمؤمن لا يمكنه إلاّ أن يوقّر أماكن العبادة ويجلّها

التونسيون مسلمون في عمومهم. والإسلام صدّق ما قبله من الديانات السماوية وأولاها ما تستحق من التقدير والاحترام.
لا يوجد تونسي واحد يرضى بتدنيس مكان عبادة، حتى لو فقد وظيفته الأصلية..
هاتوا لي تونسيا واحدا يرضى بهذا السلوك المتخلف!؟

أين نحن كمؤمنين وكمسلمين من قيم الإيمان والإسلام النبيلة؟
حتى لو نحيّنا الاعتبارات الدينية جانبا، أيّ عقل سليم يمكنه أن يقبل هذا السلوك الهمجي التعيس البائس!؟

القول بأن الوضع الحالي الذي عليه كنسية العوينة جريمة، لا يوفيه حقّه؟
هي أفضع من ذلك.. ولا يفوقها فضاعة إلاّ المساجد التي حوّلها المجرمون الإسرائيليون إلى اسطبلات..

هل عجزت الإدارة الرياضية للحرس الوطني أن تجد مقرّا آخر تتخذه كقاعة للملاكمة!؟
هل عجز التجمع الدستوري الديمقراطي عن توفير مقر آخر لشعبته!؟
ألم تجد الدائرة البلدية مكانا غير بناية الكنيسة وحديقتها لتجعله مجمّعا لعرباتها لجمع القمامة!!؟
هل عجزت وزارة الداخلية عن إيجاد مقرّ آخر لشرطة النجدة، في حيّ جانب كبير من أراضيه غير مبنيّة!؟

من يحتاج للنجدة حقّا هو هذه الكنيسة المعتدى عليها.. ألم يكن بالإمكان تحويلها إلى مكتبة عمومية أو دار للثقافة!؟
ألم يكن بالإمكان تحويلها إلى ناد للمسرح أو للفنون التشكيلية!؟
هل فكّر المسؤولون المحلّـيون المعيّــنون منهم والمنتخبون، الذين نعرف جميعا كيف يتمّ «انتخابهم»، في دعم النشاط الثقافي في منطقتهم!؟
هل قدر تونس العريقة في حضارتها، العظيمة بشعبها أن تبقى في العام التاسع من الألفية الثالثة بعد الميلاد أسيرة مثل هذه الممارسات المتخلفّـة!؟

اليوم الأربعاء 6 مارس 2009، وعلى بعد مسافة قليلة من هذه الكنيسة، تُـلقى محاضرة في بيت الحكمة بقرطاج في إطار كرسي بن علي لحوارات الحضارات والأديان.
وأستغل هذه المناسبة لأقترح على حكماء بيت الحكمة أن يلحقوا كنيسة العوينة بإدارتهم. فهي تحفة معمارية قادرة على استرجاع ألقها بعمليّة صيانة غير مكلفة كثيرا.. وعندها يمكنها أن تصبح مقرّا جديرا بكرسي الحوارات..
مقرّ لا يمكن لزائريه إلاّ أن يقدّروا من خلاله رعاية الدولة التونسية للمواقع ذات الطابع القدسي الخاص، في رسالة واضحة لا غبار عليها للعالم أجمع: نعم، نحن في تونس، في هذه الأرض الطيّبة العريقة المتأصلة في حضارتها ودينها الإسلامي الحنيف، والمنفتحة بثقة واقتدار على محيطها، نؤمن بالحوار بين الحضارات والأديان ونعمل صادقين من أجله.
نحن في هذه الأرض الطيّبة نؤمن بالحق في الاختلاف ونصونه..
احترام الاختلاف بالنسبة لنا ليس أن نغمض أعيننا عن تواجد من نختلف معه ونغضّ الطرف عنه، بل أن نقبله ونتعامل معه مثلما هُو كائن، وليس مثلما نريد له أن يكون..
هذه هي تونس، وهذه هي الجمهورية.

تحيا تونس

تحيا الجمهورية

1 commentaire:

  1. لماذا لا تكون الكنائس المهجورة متاحف للتراث المسيحي في تونس؟

    RépondreSupprimer